إنّ من بين المذاهب الكلامية _ المذهب النصي، ومذهب العقلانية التأويلية، ومذهب العقلانية الفلسفية_ ينبغي أن نعتبر الخواجة نصير الدين الطوسي من أتباع المذهب الأخير أي العقلانية الفلسفية، وعلى الرغم من أنّ البعض استخدموا المباني الفلسفية لإثبات المدّعيات الكلامية، ولكنّهم وقعوا إمّا في فخّ الإفراط أو استخدموها استخداماً جدلياً، إذ إنّ هذه المباني لم تحظ بالانتظام الخاصّ. ولكن سلك الخواجة طريق الاعتدال والوسطية، واستخدم المباني الفلسفية في علم الكلام بشكل منتظم، إضافة إلى التزامه بالمناهج البرهانية؛ لأنّ علم الكلام قبل الخواجة لم يكن على نسق معيّن ومنطقي حتى عند الشيعة الإمامية، حيث تمكّن الخواجة من إعلاء علم الكلام إلى قمّة التطور والكمال وأوصله إلى مكانة مرموقة من خلال السير على نسق شامل وجديد ومبدع إلى حدّ ما، واستخدام الأصول والقواعد الفلسفية. وبعد ذلك حذا معظم العلماء الإسلاميين شيعة وسنّة حذوه.
|